الإثنين 11/نوفمبر/2024

المحرر فخري البرغوثي.. حفاوة شعبنا أنستنا مرارة السجن

المحرر فخري البرغوثي.. حفاوة شعبنا أنستنا مرارة السجن
“أربعة وثلاثون عامًا هي معاناة حقيقية وأثرت بشكل كبير على حياتنا الاجتماعية والصحية والنفسية، لكن لدى تنفسنا للحرية، ورؤيتنا للناس على حقيقتها ومشاعرها الجياشة ودموعها الغزيرة وابتساماتها العريضة الصادقة، كل هذه الأمور أعطتنا القوة والدعم المعنوي والنفسي لنسيان الماضي الأليم الذي مررنا به، والنظر للأمام وهذه نقطة انطلاق للمستقبل، الماضي لا نستطيع تغييره، وما حدث حدث.”

بهذه الكلمات وصف الأسير المحرر فخري البرغوثي من قرية كوبر شمالي مدينة رام الله المحتلة لمراسل المركز الفلسطيني للإعلام -وهو أحد أقدم أسيرين في العالم مع ابن عمه نائل البرغوثي- مشاعره بعد إطلاق سراحه في صفقة “وفاء الأحرار” للمقاومة الفلسطينية.

وتابع “فلسطين هي عائلتي التي ضحينا من أجلها، وليس من أجل فصيل سياسي أو أحد آخر، وعندما انطلقنا من سجن النقب ووصلنا لمدينة رام الله ولقينا الاستقبال المشرف، كانت تلك أكبر رسالة لأي إنسان داخل سجون الاحتلال أن الشعب لم ولن ينساه”.

فخري الذي اعتقل عام 1978 بعد قيامه بعملية قتل ضابط طيران صهيوني مع ابني عمه نائل البرغوثي وعمر البرغوثي -الذي أطلق سراحه عام 1985 في تبادل بين الجبهة الشعبية-القيادة العامة والكيان الصهيوني- بدت سنوات السجن الطويلة بادية على وجهه بتجاعيده الكثيرة.

استقبل أهالي قرية كوبر أبناء العم فخري ونائل استقبال الأبطال، فتوافد آلاف المهنئين على منزليهما، واستقبلا الوفود الشعبية والفصائلية والرسمية، ويقول فخري: “الحمد لله أن الناس لم ينسوا الأسرى وهذا الاستقبال الكبير، والوفود الكثيرة التي تأتي لتهنئتنا لهي الدليل على صحة ما أقول”.

ولا يكاد منزل فخري وابن عمه نائل يخلو من وكالات الأنباء المحلية والعربية والدولية، فلا راحة مطلقًا في هذه الأيام، فكل وسائل الإعلام تريد السبق الصحفي في الحديث مع أقدم أسيرين في العالم، ويعلق فخري على ذلك قائلا: “مش ملحقين مهنئين ووسائل إعلام” ويكمل ممازحًا “لم نعتد على ذلك بالمطلق”.

ولكل أسير فلسطيني قصة إنسانية يستحق أن يكتب عنها، ولكن قصة فخري البرغوثي يجب أن  تسجل كشهادة للتاريخ، فهي تظهر مدى بشاعة الاحتلال الصهيوني الذي افتقد أبسط العناصر الإنسانية.

فعام 1978 وخلال اعتقال فخري كان نجله الأكبر شادي يبلغ من العمر عامًا واحدًا، أما نجله هادي فكانت والدته ما تزال حاملا به، ولم يحظَ بتربيته مع شقيقه الأكبر، فلم يريا والدهما إلا من خلف قضبان السجن، ولم يستطيعا لمس يديه طوال سنوات.

كبر الأولاد وهم يرون والدهم خلف القضبان، ولما تقطعت السبل بالإفراج عن والدهم خلال عمليات صفقات التبادل السابقة والعملية السلمية لجأ ابناه للعمل المقاوم في صفوف المقاومة، وحاولا تنفيذ عملية خطف بحق جنود صهاينة مع مجموعة من المقاومين من أجل إطلاق سراح أبيهم.

لكن الاحتلال اكتشف العملية قبيل وقوعها بيوم واحد، وقام باعتقال شادي وهادي، وأخضعهما لتحقيق شديد.

يقول فخري عن تلك اللحظة لمراسلنا: “الكلمات لا تصف هذه اللحظة؛ فمشاعري كانت متوترة جدًّا ما بين الشوق للقاء أبنائي الذي لم ألتقِ بهم قط، وما بين الحزن على وجودهم داخل أسوار السجن، وحينما أُبلغت من قبل إدارة السجون الإسرائيلية أن أبنائي بالطريق إلى سجن عسقلان عام 2004 الذي كنت أقبع به، كانت الساعة السابعة صباحًا تقريبًا، فوصل أبنائي الساعة الرابعة مساء، وكانت هذه اللحظات هي طويلة جدًّا بالنسبة لي وهي أطول من سنوات الأسر التي كنت قد أمضيت وقتها والتي قاربت على الـ 27 عاما”.

وأضاف فخري عن نفسه “وأنا انتظر كانت أعصابي جدًّا مشدودة، وكان جسدي يتعرّق بشكل كبير حتى يخيل لك أنني غارق في الماء”.

ووصف لحظة دخول أولاده للقسم الذي يقبع به: “عندما فُتح الباب لم أبنفسي إلا أنني خرجت من الغرفة، ولم أستطع أن أنتظر أن يدخلا هما، وخرجت إلى “المردوان”-رواق السجن- وبدأت بعناقهم وبتقبيلهم، وكان قسمأ ( 4 و8 ) وفيهما ما يزيد عن 240 أسيرًا فلسطينيًّا يشاهدون الحدث، فبكى الجميع حينما رأوا حرارة اللقاء، ولم يكن مثل هذا اللقاء قط داخل السجون حيث اجتمع أب مع أبنائه داخل السجن بعد 27 عامًا من الأسر”.

وأوضح فخري لنا أن نجله هادي حكم عليه بالسجن لمدة (27 عامًا) ونجله شادي بالسجن لمدة ثلاث سنوات ونصف، وقال: “لقد تركت فلذة كبدي خلف السجن، وقد حاول إخراجي، وهو الآن يقبع خلف الأسوار في المكان الذي كنت فيه طوال سنوات ماضية”.

وعلق فخري على صفقة تبادل وفاء الأحرار بأنها صفقة وطنية بامتياز، وبأنه لا ينظر إليها على أنها صفقة تنظيمية وأن إنجازها هو إنجاز تنظيمي بل هو إنجاز وطني، ووصفها بأنها الأفضل على مر تاريخ النضال الفلسطيني بسبب شمولها إطلاق سراح 315 فلسطينيًّا من ذوي الأحكام المؤبدة، وبسبب نوعية الأسرى المطلق سراحهم وحجم عملياتهم النضالية ضد الاحتلال، وبأن هذا العدد الكبير من الأسرى المحررين كانوا مقابل جندي صهيوني واحد فقط.

ووجه فخري رسالة للفصائل الفلسطينية وعلى رأسها حركتا فتح وحماس: “أما رسالتي للفصائل فبالنسبة لهم لا يمكن أن نكون أقوياء ما دمنا متفرقين، فقوتنا تنبع من نفس الهدف ألا وهو تحرير فلسطين، لأن العالم يستغل الفرقة الحالية ضدنا، فالانقسام أدى إلى استغلال العالم لنا.”

وختم البرغوثي حديثه عن تجربة الاعتقال:”عندما تعتقل مع شخص لمدة ثلاثين عامًا داخل غرفة واحدة، فتتألم لألمه، وتشعر بما يشعر به، فكل حركة يقوم بها تعلمها، ويكون عبارة عن رفيق عمر، فكيف لي أن أنسى هؤلاء…حقًّا لن أنساهم ما دمت حيا”.

الرابط المختصر:

تم النسخ

مختارات

لليوم الـ401.. القسام يواصل التصدي للعدوان

لليوم الـ401.. القسام يواصل التصدي للعدوان

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام تواصل كتائب الشهيد عزّ الدين القسام الجناح العسكريّ لحركة المقاومة الإسلاميّة حماس تصديها لآليات الاحتلال الإسرائيلي...

مستشفى العودة: نقل 19 مصابا إلى مدينة غزة

مستشفى العودة: نقل 19 مصابا إلى مدينة غزة

غزة – المركز الفلسطيني للإعلام ذكرت إدارة مستشفى العودة في محافظة شمال غزة، الأحد، أنه جرى نقل 19 مصابا من المستشفى إلى مستشفيات محافظة مدينة غزة،...