Sorry, you need to enable JavaScript to visit this website.

ستارمر يتعهد ببناء بريطانيا جديدة بعد انتصار تاريخي

غادر قصر باكنغهام متوجهاً إلى مقر رئاسة الحكومة وسوناك يعلن تحمله "مسؤولية" الفشل ويستقيل من زعامة المحافظين

ملخص

على النقيض من فرنسا حيث حقق حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبن مكاسب تاريخية في الانتخابات التي أجريت الأحد الماضي، فضل الشعب البريطاني بصورة عامة حزب يسار الوسط لإحداث التغيير.

تعهد رئيس الوزراء البريطاني الجديد كير ستارمر بـ"إعادة بناء" البلاد و"توحيدها" بعد تحقيق حزب العمال الذي يتزعمه فوزاً ساحقاً في الانتخابات التشريعية.

وهذه هي المرة الأولى منذ عام 2010 التي يحكم فيها "العمال" (يسار الوسط) البلاد، في تطور يطوي صفحة حكم "المحافظين" الذي استمر 14 عاماً، وشهد خلال الأعوام الأخيرة سلسلة من الأزمات من "بريكست" إلى "كوفيد" والتضخم والتغيير المتكرر لرؤساء الحكومة.

وكلف الملك تشارلز الثالث رسمياً اليوم الجمعة كير ستارمر بتشكيل الحكومة في المملكة المتحدة، ووفق العرف المتبع نشر قصر باكنغهام صورة للملك مستقبلاً الرئيس الجديد للحكومة.

وغادر قصر باكنغهام متوجهاً إلى مقر رئاسة الحكومة في 10 داونينغ ستريت حيث قال "سنعيد بناء" المملكة المتحدة. ومن المتوقع الإعلان عن أبرز وجوه الحكومة لاحقاً اليوم.

وأشار إلى عملية "إعادة بناء للبنية التحتية للفرص" مشدداً على التعليم والإسكان بأسعار معقولة، وعلى مبدأ "الخدمة" في السياسة. ووعد بالسعي مع الحكومة إلى استعادة البريطانيين إيمانهم بمستقبل أفضل لأطفالهم و"توحيد بلدنا".

وكان أشار لدى إعلان فوز حزبه فجراً إلى أن الأمور "لن تكون سهلة"، ولا تتغير بـ"كبسة زر".

وكان سلفه ريشي سوناك (44 سنة) قدم استقالته إلى الملك. وفي خطابه الأخير، قدم سوناك اعتذاراً للرأي العام قائلاً "لقد وصلني غضبكم وخيبة أملكم". وأضاف "الشعب البريطاني أصدر حكماً واضحاً الليلة (...) وأنا أتحمل مسؤولية هذه الهزيمة".

 

ومن بين أول اللقاءات التي سيشارك فيها ستارمر قمة الذكرى الـ75 لإنشاء حلف شمال الأطلسي، التي ستعقد في الأسبوع المقبل في واشنطن.

وأكد ستارمر أن "التغيير يبدأ الآن" شاكراً مناصريه ومجدداً وعده بحصول "تجدد وطني". وشدد على أن التغيير يتطلب "عملاً شاقاً وصبوراً وحازماً".

ووفق النتائج شبه النهائية حصد حزب العمال 412 مقعداً أي أكثر من المقاعد الـ326 الضرورية للحصول على الغالبية المطلقة في مجلس العموم، بما يمكنه من تشكيل حكومة بمفرده.

والعدد أقل بقليل من النتيجة التاريخية التي سجلها توني بلير عام 1997 بحصول الحزب يومها على 418 مقعداً.

 

الهزيمة الساحقة

أما حزب المحافظين بزعامة سوناك فسجل أسوأ نتيجة له على الإطلاق منذ مطلع القرن الـ20 مع انتخاب 121 نائباً في مقابل 365 قبل خمسة أعاوم عندما كان الحزب بزعامة بوريس جونسون.

وخسر عدد كبير من قياديي الحزب المحافظ مقاعدهم النيابية على غرار وزير الدفاع غرانت شابس ووزيرة العلاقات مع البرلمان بيني موردانت التي كانت مرشحة لتولي زعامة الحزب مستقبلاً، كما خسرت رئيسة الوزراء المحافظة السابقة ليز تراس مقعدها.

وعلى رغم الفوز الصريح، أشارت استطلاعات الرأي إلى ضعف الحماسة لستارمر أو لحزبه. وبفضل النظام الانتخابي البريطاني الذي ينص على فوز الحاصل على العدد الأكبر من الأصوات، يبدو أن انتصار حزب العمال سيتحقق بأصوات أقل مما كان عليه في 2017 ثم في عام 2019 الذي مثل أسوأ أداء انتخابي للعمال منذ 84 عاماً.

 

تحديات

ويأتي ستارمر أيضاً إلى السلطة في وقت تواجه فيه البلاد سلسلة من التحديات الصعبة. ومن المتوقع أن يصل العبء الضريبي في بريطانيا إلى أعلى مستوى منذ الحرب العالمية الثانية، ويعادل صافي الدين تقريباً الناتج الاقتصادي السنوي، كما انخفضت مستويات المعيشة، وتشهد الخدمات العامة تدهوراً، بخاصة خدمة الصحة الوطنية التي تعاني الإضرابات.

واضطر ستارمر بالفعل إلى تقليص بعض خطط حزب العمال الأكثر طموحاً، مثل تعهداته الرئيسة بالإنفاق الأخضر (المراعي للاعتبارات البيئية)، لكنه تعهد بعدم زيادة الضرائب على "العاملين"، وقال "لا أعدكم بأن يكون الأمر سهلاً. تغيير بلد ما ليس مثل الضغط على مفتاح كهربائي. إنه عمل شاق. مع الصبر والعزيمة والعمل وسنتحرك على الفور".

صعود حزب الإصلاح

جانب كبير من الضربة التي لحقت بشعبية المحافظين جاءت من حزب الإصلاح اليميني، برئاسة الناشط في حملة خروج بريطانيا من الاتحاد الأوروبي نايجل فاراج الذي شن حملة قوية للحد من الهجرة.

 

وقد وعد ستارمر بإلغاء سياسة حزب المحافظين المثيرة للجدل المتمثلة في إرسال طالبي اللجوء إلى رواندا، لكن نظراً إلى أن الهجرة قضية انتخابية رئيسة، سيتعرض لضغوط لإيجاد طريقة لمنع عشرات الآلاف من الأشخاص من الوصول عبر القنال الإنجليزي من فرنسا على متن قوارب صغيرة.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

وحصل حزب الإصلاح على أربعة مقاعد، وانتخب فاراج نفسه أخيراً لعضوية البرلمان في محاولته الثامنة، وحصل الحزب على أكثر من 4 ملايين صوت، أي أكثر مما حصل عليه المحافظون في مناطق واسعة من البلاد. ويعكس نمو التأييد للحزب اليميني نتائج مماثلة شهدتها أوروبا أخيراً مع صعود اليمين المتطرف.

لكن على النقيض من فرنسا حيث حقق حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف بزعامة مارين لوبن مكاسب تاريخية في الانتخابات التي أجريت الأحد الماضي، فضل الشعب البريطاني بصورة عامة حزب يسار الوسط لإحداث التغيير.

ووعد ستارمر بتحسين العلاقات مع الاتحاد الأوروبي لحل القضايا الناجمة عن انفصال بريطانيا عن التكتل. وعلى رغم معارضة ستارمر خروج بريطانيا من الاتحاد، فإن العودة إليه ليست مطروحة على الطاولة.

وفي حين وعد بإحداث التغيير على المستوى الداخلي، تعهد ستارمر بمواصلة دعم لندن المطلق لأوكرانيا في حربها مع روسيا. وفي كثير من القضايا الخارجية تشبه سياساته سياسات سوناك.

راشيل ريفيس تحذر

وحذرت راشيل ريفيس التي من المقرر أن تصبح أول وزيرة للمال في تاريخ المملكة المتحدة، من أن حكومة حزب العمال الجديدة التي ستشكل بعد الانتخابات سيتعين عليها اتخاذ "خيارات صعبة" في مواجهة التحديات التي تواجه البلاد. وقالت ريفيس، وهي خبيرة اقتصادية سابقة في بنك "إنجلترا" تبلغ 45 سنة وأعيد انتخابها نائبة في دائرتها الانتخابية "الطريق الواجب سلوكه لن يكون سهلاً. لا يوجد حل سحري، وهناك خيارات صعبة تنتظرنا. نحن لسنا واهمين في شأن حجم التحدي الذي نواجهه أو شدة الصعوبات التي سنرثها من المحافظين".

قادة بعض الدول ورؤساء الحكومات يشيدون بالانتخابات

وهنأ الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون بصعود حزب العمال وفوز ستارمر، موضحاً أن باريس "ستواصل العمل مع المملكة المتحدة من أجل التعاون الثنائي، ومن أجل السلام والأمن في أوروبا، ومن أجل المناخ والذكاء الاصطناعي."

كما أمل الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي أن تظل أوكرانيا والمملكة المتحدة "حليفتين موثوقتين".

وأعربت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين عن رغبتها في "شراكة بناءة" مع ستارمر.

وهنأ رئيس الوزراء الإسباني بيدرو سانشيز ستارمر بـ"الفوز التاريخي" لحزب العمال في المملكة المتحدة، وكذلك رئيسة الوزراء الإيطالية جورجيا ميلوني التي وجهت أيضاً تحية لـ"الصديق" سوناك.

وأرسل رئيس الوزراء الأسترالي أنتوني ألبانيز ورئيسا لوزراء الكندي جاستن ترودو رسائل تهنئة إلى "صديقهما" ستارمر لفوز حزبه في الانتخابات العامة.

من جانبه قال الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ إنه يأمل أن تعمل الدولتان على تعزيز "صداقتهما الوثيقة".

تطلعات البريطانيين

شددت رامزي سارجنت (49 سنة) في تصريح لوكالة الصحافة الفرنسية على أنها تتطلع بعد "هذه الأشهر والأعوام القليلة الماضية الصعبة" إلى "رؤية ما سيحدث"، موضحة "هناك ضغط هائل على رئيس الوزراء الجديد".

أما عبدالمغتفر (40 سنة) فقال إن "السياسة البريطانية لم تحقق أدنى تقدم في الأعوام العشرة الماضية"، مضيفاً "سيكون من المثير للاهتمام أن نرى كيف سيكون أداء حزب العمال". وتابع "إذا لم ينجحوا أعتقد أننا سنشهد تغييراً جديداً للحكومة في الانتخابات المقبلة".

وخلال الحملة الانتخابية وعد ستارمر الذي بدأ خوض غمار السياسية قبل تسعة أعوام فحسب بعودة "الاستقرار" و"الجدية"، مع إدارة صارمة جداً للنفقات العامة.

ويعد ستارمر الذي لا يتمتع بكاريزما كبيرة بتحويل البلاد كما فعل على صعيد حزب العمال بعد أن خلف جيريمي كوربن خلال 2020، من خلال التركيز على الاقتصاد ومكافحة معاداة السامية.

ويؤكد أنه يريد تحفيز النمو وتصحيح وضع المرافق العامة وتعزيز حقوق العمال وخفض الهجرة وتقريب المملكة المتحدة من الاتحاد الأوروبي، من دون العودة عن "بريكست".

المزيد من متابعات