حكاية السميرية...
تقع قرية السميرية- التي كان يسميها الصليبيون سوميليريا- على بعد 6 كيلومترات شمالي مدينة عكا في سهل تحيط به اشجار الزيتون والتين. وكانت القرية مرتبطة بعكا وبرأس الناقوره ومن ثم ببيروت من خلال الطريق العام الساحلي.
عمل معظم سكان القرية بالزراعة، بينما اشتغل بعضهم في مقالع الحجارة التابعة للقرية وقد قدّر عدد سكانها عام 1948 حوالي880 شخصاً.
من مخزون ذكرياته حدثني خضر هاشم محمد اليوسف (1940) وهو من سكان قرية المكر حالياً:
أنا خلفت بالسميرية، متذكر بيتنا، كان كبير وفيه أربع جسورة حديد من الشمال والقبل ومن الشرق والغرب كان في جسر حديد اللي ماسك الأربع جسورة، وكان عنا سدّة جوا البيت للبقر لأنه كنا نخاف انه يسرقوه.
حمار "شافي تسيون"
كانوا حوالينا مستوطنات يهود، يضيف خضر اليوسف، وكان يجي على بلدنا واحد يهودي اسمه شلومو وكان يعرف عربي منيح، كنا نسميه المخضّر، هذا حارس يهودي اللي كان يحرس أراضي اليهود، وكان عنده أصحاب من السميرية. كانت العلاقات مع اليهود منيحه، وكانوا يجيوا على الحسبة حتى يشتروا خضروات وفواكه.
ويضيف أبو جميل (1953) ضاحكاً وهو من سكان قرية المزرعة حالياً:
لما كنت ولدا صغير، بذكر انه كان عند احد سكان مستوطنة "شافي تسيون" حمار، وكان هذا الحمار يهرب منه دائماً وكان والدي يطلب مني أرجعه لصاحبه، وكل مرة كان صاحب الحمار، وهو من أصل ألماني يقول لي "دانكيشه"، يعني شكراً بالألمانية ويعطيني خمس قروش فلسطينية، فكنت أتمنى دايماً أنه الحمار يهرب كل يوم.
عاش أهل البلد حياة شبه بدائية، بيتنا كان يقع في مركز البلد، كانت أغلب البيوت بدائية. ومبنية من قناطر وبين قنطرة كانوا يحطوا خشب غير متناسق، يجيبوه من الجبال، كانوا يحطوا على الخشب "البلاّن"، يعني أغصان شجر، وفوقها يحطوا التراب بسمك 50 سم مع طبقة مجبولة مع التبن.
البلد كان فيها كتير مواشي، وكنا نسمي قطيع المواشي "العجـّال". صعب انه انسى منظر النساء في البلد لما كانت تقوم بجمع روث الحيوانات من الساحة بعد خروج القطيع وكانوا يعملوا من الروث أقراص صغيرة، ينشروها في الشمس حتى تنشف وبعدين يستعملوها كوقود للطبخ أو الخبز أو تسخين الماء، كانوا يسموها أقراص "جلـّة".
وعن أمها حدثتني انتصار إبراهيم محمد اليوسف بشير زوجة خضر اليوسف (1948): على أيام السميرية، كان أبوي قبل ما يمشي على الأرض يطلب من أمي تمشي قدامة، أمي كانت تساعده بالأرض وبالبيارة وترتب بالصناديق، بالبلد كان في لبّانات، أمي كانت تنزّل لبن على عكا، مرات كانت تنزل مشي على عكا وتبيع هناك، كانوا ينزلوا الصبح بكير لما تفتح بوابة عكا، وتضلها قاعدة لحد ما تفتح البوابة وتفوت تبيع جوا.
عائلات
عن عائلات القرية حدثني خضر اليوسف:
السميرية كانت كبيرة، سكن فيها عائلة اليوسف، بشير، الصياح، أبو الخير، عبد الغني، سرّية، حمودي، الغريب، عبد الرحيم الشيخ احمد، دار شناعة، رشيد، باب الله، دعبس، حليحل، منصور وحجير. المختار الأول كان من عائلة حمادة عبد الغني ولما كبر، عينوا مكانه محمود الأمين، عائلتنا رفضت لأنه احنا من العائلات الكبيرة وبدنا مختار منا، وتم تعيين حسين اليوسف، خال زوجتي كمختار ثاني للبلد.
تاريخ وجغرافية
امتدت أراضي القرية من وادي الجزمة في الجنوب حتى مستوطنة "شافي تسيون" ومستوطنة "رجبه" في الشمال، ومن البحر غرباً حتى حدود أبو سنان شرقاً. تفصل بين أراضي البلدين طريق المعترضة وهو طريق ترابي يصل الكابري وباقي القرى مع عكا ويمر جنب "نس عميم" اليوم.
بعد سنة 1900 وحتى 1948 زاد سكان البلد من زراعة البيارات والبساتين وحفروا الآبار حتى بلغ مجموع الآبار التي حفرها أهل السميرية قرابة 35 بئراً، وكان عمق البئر من 8 إلى 13 متراً. كل بئر مع محرك "موتور" لسحب الماء.
وعن هذا حدثني خضر اليوسف:
كل أهل البلد كانوا ملاكين، وعشان هيك احتلونا لأنه كنا نملك كتير أراضي. اقل واحد كان عنده خمسين دونم. أبوي كان مزارع وكان عنده حوالي 150 دونم. بيارتنا كان فيها كل شي، تفاح برتقال، تين، خوخ مشمش، ذرة وقمح. حوالي البلد كانت البساتين والبيارات.
ويضيف خضر: أهل السميرة كانوا يصدروا لعكا، في عندي دفتر لأبوي من حسبة دار ضفة، كل مرة يودّي خضرا للحسبة ما يقبض حقها، ويوخد أجار السيارة ويقول آخر الموسم بحاسب، وأنا عندي اليوم دفترين من الحسب اللي أبوي ما أخد منهم ولا قرش.
أهل السميرية كانوا محبوبين بكل المنطقة وما في عداوة مع أي قرية، كل البلد يمكن فيها تنين ثلاثة متعلمين. كان في مدرستين وكتاب، ما بذكر انه كان في بنات بالمدرسة، أنا تعلمت لصف أول أو ثاني وبعدين هربنا ولما أجينا على عكا فتت على صف ثالث. كان في معلمين تنين، واحد ابن خالها لمرتي جمال احمد اليوسف، وكمان معلم من عكا ما بذكر اسمه، بس اخو مرتي أبو راشد كان يروح يتعلم عند شيخ، كان يروح يتعلم ويوخد بيضة أو بيضتين أو رغيف خبز للشيخ. والمعلمين كانوا يقبضوا من حكومة الانتداب.
على قبال الجامع كان في دكانة ابو فؤاد وعيسى الناطور، هدول كانوا غربيي شارع بيروت، بالأول كانت المقبرة غربي الشارع بس اليوم عملوا شارع جديد وصارت التربة شرقي الشارع، بقولو انه هذا الشارع الجديد كان مخطط على زمان الانجليز، لأنه الانجليز كانوا يمروا من البلد بسرعة وفي ناس اللي ماتت بعد ما دهسها الانجليز.
المراح
حول برامج القرية الترفيهية، حدثني خضر اليوسف ضاحكاً:
وين شفي تسون لجهة القبل، كان هناك المراح، كانت المنطقة كلها تراب، الشباب تروح تتسابق بالخيل، كان يجي على المراح الغجر وكانوا يعملوا عروض ومهرجانات، أهل البلد تتجمع بالساحة ويمدوا الحبال ويطلعوا ويجيبوا سعدان ويعملوا عرض، وبيوتنا تكون فاضي ساعتها. وخلال هذا الوقت يدوروا الغجر بين البيوت ويسرقوا سكر وعدس واكل ويهربوا، ولما الناس ترجع على البيت تشوف السكر ناقص والخبز ناقص.
كان عنا سدره بالبلد ولما يصير عرس تقعد النسوان الشباب والفيّة تبعتها تغطي كل أهل العرس، هاي السدرة كانت بشي ارض بالطريق للبيارت، بعيد عن الشارع حوالي مئة متر.
الاحتلال
احتلت القرية صباح 14 أيار 1948، حسب الخطة د، ضمن حملة لواء كرميلي للسيطرة ولاحتلال القرى العربية في الجليل الغربي حتى حدود لبنان.
عن احتلال القرية وتهجير أهلها حدثني أبو جميل:
احتلال الجليل بدأ من السميرية على أساس انه اليهود بدهن يفتحوا الطريق للشمال على المستعمرات اليهودية والسميرية كانت موجودة بموقع اللي بعرقل التحرك اليهودي.
الناس سمعت قصف، خافت وطلعت، في كم شخص من أهل البلد قاوموا. اليهود هجموا قبل طلوع الشمس، بالأول هجموا من جهة "ميجا"، وين قناطر الباشا، وكان الهدف انهم يلهوا العشرين مسلح اللي كانوا بالبلد، ويفاجئوهم من القبل (الجنوب) من جهة عكا. في واحد صادفوه بنص البلد وقتلوه، وفي واحد كان رايح يجيب نجدة على البسكليت، لاقوه بالطريق وقتلوه، هذا بكون أبوه لجوز أختي.
قافلة اليهود كانت تمشي وتطخ شمال ويمين، لما مرّت القافلة كنت أنا ومحمود أبو شنب قراب من بعض، هو نزل من المنشية وأنا من السميرية، كانت المسافة بيننا حوالي 200 متر، لما شفنا وسمعنا القصف، أبو شنب راح تخبَّى بالعبـّارة وأنا قفزت وتخبّيت بمحطة البنزين من الغرب.
مشمشية وبترجعوا...
عن رحيل عائلتها حدثتني انتصار اليوسف (1948):
لما صارت الحرب، قالوا للناس جمعة مشمشية وبترجعوا على بلادكو، احنا طلعنا سوا مع دار عمي على عكا، زوجي هو ابن عمي، بس اخوي وزوجته وأولاده طلعوا على لبنان، أنا كانت أمي حبلى فيي.
بسنه الخمسين اجا اخوي تهريب لحتى يزورنا ويوخد مصاري من أبوي وعمي، انا كنت صغيرة وصرت ازحف على الأرض ووصلت عنده وقعدت بحضنه، واللا هو بسال لمين هاي البنت؟، قالوله هاي أختك... (باكية) ما التقنا بعد هيك، راح على لبنان وما رجع.
وتضيف انتصار:
احنا قررنا نروح على عكا لأنه خالي المختار قال لامي انت مرا حبلى وما في حاجه تطلعي على عمان وكلها جمعة زمان وراح نرجع على البلد، وأهل جوزي كمان راحوا على عكا لأنه أبوه كان مريض، احنا طلعنا على عكا، وباقي عائلتنا طلعوا على لبنان.
عن رحيله حدثني ابو جميل:
أنا وعائلتي رحنا على عكا يوم وبعدها رحنا على عمقا يوم ومن بعدها على يركا، بس اختي طلعت مع جوزها وأولادها وأهل زوجها على لبنان. ما بعرف ليش رحنا على عكا، العالم كانت تتصرف بطريقة عفوية، ما كانت تفكر، الناس صارت تدوّر وين في أمان أكثر.
تجمعوا اللاجئين بيركا، كان عددهم حوالي 2500 نسمة، وأهل البلد ألف نسمة، فصاروا 3 آلاف و 500 نسمة، غير المواشي والبقر والحمير. يركا كانت تعيش على بيارة مي، والمي محدودة، أجوا عليها كتير لاجئين من البصة والكابري والسميرية، من الزيب وعكا وغيرها. ولو هاي اللاجئين وجموعهم بقيوا بيركا أسبوع واحد لكانت نشفت المي ولكانت الناس قتلت بعض.
بعد ثلاث أو أربع أيام من وجود اللاجئين بيركا، خافوا من عدد اللاجئين الكبير واخترعوا معركة وهمية وخيالية واقنعوا الناس انه اليهود بدها تهجم، الناس خافت وهربوا حوالي 1500 شخص من يركا باتجاه الشرق بين الجبال. الإشاعات كانت السبب الرئيسي في المصيبة الكبيرة اللي أصابتنا.
إحنا بقينا لأنه كان ساكن جنب المعصرة اللي سكنّا فيها بيركا امراة درزية اسمها وضفة العلي، قالت لإمي خليكِ هون جنبي، واللي بصير عليّ وعلى بناتي بصير عليكِ وعلى أولادك. أمي اطمأنت لهاي المرأة وظلت بيركا، ولو ما كانت هاي المرأة كنا إحنا طلعنا على لبنان.
اختي مريم من بعد ما طلعت مع زوجها وأولادها الاثنين سمير وسميرة، كانت حبلى، كانت توقف كل يوم على الطريق وتسأل الناس عن أهلها، الناس ما قدرت تساعدها، وفكرت إنه اليهود قتلوا أهلها مثل ما عملوا بدير ياسين، وصابها صراع وجنون، ونفسيـّتها انهارت، ولما راحت تخلّف بعد ما صارت بالشهر الثامن ماتت بالمستشفى مع الجنين. أنا تأثرت كتير لما ماتت لأنه عشت أنا وإياها وكانت علاقتنا قوية.
أمي تأثرت من موت اختي وفاتت بضغط نفسي رهيب، وحسّت بالذنب، ودايما كانت تقول لو انها طلعت على لبنان ما كانت فقدت بنتها.
ذهبات الجدّة
حول عودة جدتها الى القرية، حدثتني انتصار اليوسف:
ستي أم أمي خبت ذهباتها بقلب البيت، بالعقوده وطيّنت عليهم، لما هجينا ورحنا على عكا، قررت ستي انه بدها ترجع تجيب الذهبات، وقررت توخد معها كامل حماده مختار المزرعة، وستي وهو كانوا كتير أصحاب لأنه ستي كانت الداية بالبلد وهي اللي جيبت مرته.
لما طلعت ستي معه على البلد، لاقوا البلد مهدوه، اليهود هدموا البلد بنفس يوم احتلالها. صارت ستي تخبط بالحيطان المهدومه وتدوّر على ذهباتها، بس ما لاقت اشي، وبعد شي ساعة رجعت لكامل وقالته انه ما لاقت الذهبات، وقرروا يرجعوا، وهم راجعين لاقت سكة حراث، اخدتها ورجعت على بيتها المهدوم وصارت تضرب بالحيط، ما ضربت أول ضربة واللي السكه غزت بالكيلة اللي حاطه فيها الذهبات.
لجوء
الناس طلعت على لبنان، عن طريق الجبال، حدثني ابو جميل، قسم من الأغنياء رحل قبل الهجوم على البلد، رحلوا عن طريق شارع بيروت بالسيارات حتى يقضوا شهر زمان في بيروت ويرجعوا. بيتنا كان على الشارع وأنا شفت كل واحد طلع من الشارع. من بداية ال 47 بدأت العائلات اللي وضعها منيح تطلع من السميرية.
اكثر اشي بوجعني انه أولادي وأحفادي بوجهوا أصابع الاتهام النا احنا جيل النكبة، وبقولوا إننا السبب في ضياع فلسطين وبوصفونا بالجبناء وبحمّلونا سبب معاناة الشعب الفلسطيني على مدى 60 سنه.
بس أنا بقول انه الأسباب اللي أدّت إلى نكبتنا بدأت قبل النكبة بعشرات السنين ومش بعام النكبة نفسه، احنا انهزمنا قبل هيك اجتماعياً وسياسياً وحضارياً ودينياً، وهذا اللي أدى إلى مصيبتنا.
وتضيف انتصار اليوسف حول لجوء عائلتها الى عكا:
أهل عكا هجّوا ودورهم كانت مفتوحة، وكل واحد دخل عليها اخذ دار فاضي. أمي فاتت على بيت حسني خليفة رئيس بلدية عكا، قعدت فيه واجوا سكنوا معها كتير عائلات من السميرة، بس بعدين طلعوا ويقيت أمي وأولادها. هذا هو البيت اللي أنا خلقت وكبرت فيه لحد ما تزوجت.
ويضيف زوجها خضر اليوسف: بالبداية احنا سكنا مع دار عمي (أهل زوجتي) بس بعدين أمي صارت تدوّر على بيت نسكن فيه. امي صار عندها خوف من صوت القصف والرصاص، ودوّرت على بيت بيت عقوده عشان اذا صار أي هجوم تقدر تتخبى بالعقوده. البيت كانت قديم وحالته سيئة. هذا البيت بعد هيك صار للعميدار وصرنا ندفع أجاره للدولة.
بعكا انا اشتغلت من جيل 10 سنين، كنت أبيع كعك ومناقيش، تركت المدرسة طبعا، ومع الوقت صرت اشتغل بالدهان، وبصيد السمك.
وعن رحيل جدتها أضافت انتصار اليوسف: أنا ما عشت البلد بس قلبي بوجّعني بس امرق من حدها، ما في حدا حاول يرجع، اللي اخدوه اخدوه، أمي طلعت الفراش وتركت كتير فراش واواعي وقالت بس ترجع راح تغسل كل شي، حملتهم على عربايه حصان أو حمار ما بعرف، خال أمي طلعها غص من عنها ، أمي ما كانت بدها تطلع، كان عندها اخوي وثلاث بنات غيري، خالي غصبها تطلع ووصلها، وبعدين خالي اخد مرته وطلع على لبنان, ستّي أمي ضلت عند أمي وبعد ست سنين راحت بتصريح رسمي على لبنان عن طريق الناقوره لأنه انه ابنها الصغير مات بلبنان وطلعت عشان تربي أولاده، وضلت هناك. ستي انا بذكرها منيح لما راحت، هي ضلت مع أمي بعكا عشان أمي وحدانية وبتحبها كتير.
بعكا أبوي اشتغل بستين اليهود برا السور، صاروا ينقوا صبر ويبيعوا، وبعدين استأجر أبوي ارض لليهود أو بالأصح الأرض اللي صادروها اليهود، وصاروا يفلحوا فيها وعلى النص.
زينب باب الله
عنها حدثني خضر اليوسف قائلاً: هاي زينب كانت ختيارة وقررت تبقى، جوزها وأولادها طلعوا على عكا، وهي بقيت بالبيارة، بقولوا انه كانت أصحاب مع اليهود وعشان هيك خلوها. كل الناس كانت تزورها، هي كانت كريمة كتير. قسم من أولادها بلبنان وقسم بعكا. زينب توفت بسنوات الثمانين وبيتها اللي بالبيارة بعد موجود لليوم. زوجها لما مات دفناه بقلب البيارة ولليوم القبر موجود.
أملاك الغائبين
عن نضاله في المحاكم الإسرائيلية حدثني خضر اليوسف:
بأواخر سنوات السبعين قدمنا دعوى للمحكمة الإسرائيلية عشان نسترجع أراضينا ونرجع للبلد، وحتى نقولهم انه احنا مش غائبين عن أرضنا. بال 1997 اعترفت المحكمة انه النا أراضي اللي بالسميرة بس قالولنا، إما بتبادلوا بعدد دونمات قليل، وإما بتبيعونا الأراضي وبتمضوا انه انتم بعتونا الأراضي بسنوات الثلاثين، يعني حتى يثبتوا انه هم ما اخذوا الأراضي منا بالقوة وإنما احنا بعناهم إياها. طبعا انا رفضت ولليوم بعدنا بمحاكم.
الزيارة الأولى
عن زيارتها الأولى لقرية السميرية حدثتني انتصار اليوسف: بفترة الحكم العسكري كنا ممنوعين من الخروج من عكا الا بتصريح.
أنا بذكر لما كان عمري حوالي 10 سنه، اجا اخوي عند أمي وسألها، أنت شو طابخة، قالته مجدّرة، قالها حطي المجدرات والسلطة بعلب وتعالوا معي بدي اخدكوا مشوار، طلعنا كلنا على سيارته الكبيرة، وتسللنا على السميرية، لأنه وقتها كان حكم عسكري وكان ممنوع الناس تطلع.
رحنا على روس البيادر قعدها، وين اليوم مجلس ماطي اشر، هاي المنطقة صارت الناس تعمر فيها بالسنوات الأخيرة قبل الاحتلال لأنه البلد صارت ضيقة.
وصلنا على السميرية كان بعد فيها بيارات الحامض، قلت لأخوي بدي أفوت أجيب حامض، قاللي اذا شافوك اليهود بطخوك. فتت على البيارة، يومها كان شعري طويل وعلق بشجر الحامض، وناديت على أختي تساعدني، وبعدين نقيت حامض وقشرته واكلته والقشر دفنته بالتراب لأنه خفت انه يجوا اليهود ويشوفوا انه في ناس كانت هون. بس بعد ما انتهى الحكم العسكري صرنا نطلع كتير.
وعن زيارته الأولى للقرية حدثني زوجها خضر اليوسف: أنا أول مره زرت البلد كانت بفترة الحكم العسكري، رحت تهريب على البلد وشيت من عكا للسميرية، وزرت زينب باب الله، وأعطتني سلة حامض، وأنا راجع بباص اليهود مسكني البوليس وصار يحقق مني لأنه فكرني انه سرقت السلة.
* شكر خاص لمحمد الصياح ابن قرية السميرية (يسكن اليوم في عكا) على مساعدتي في لقاء المهجرين وتوثيق ذاكرتهم
شارك بتعليقك
الامل ولكن لاحظت انه لم يتم ذكر. الخطيب بين عاىلات السميريه نرجو التعليق